مقابلة مع سماحة العلامة السيد عبد الله نظام حفظه الله

title

 

 

مقابلة مع سماحة العلامة السيد عبد الله نظام حفظه الله

 

 (المحور السياسي)

مع استعار الحرب الكونية على سورية، استغلت أبواق الفتنة مكونات وألوان الطيف السوري لتبثَّ سُمُومِها, لم تُترك محافظة وقريةً وشارعاً إلَّا واستهدفها السم الطائفي والعرقي والديني, والذي لم يترك أحداً بخير..

ومن تلك الأطياف والرموز المستهدفة المكوِّن الشيعي, إذ لم تخلوا وسيلة إعلام معادية إلَّا وحاكت عشرات القصص والروايات والخرافات, تارة استهدفوا الناس بالتشكيك بسوريتهم, وأخرى تتحدث عن تبعيتهم لهذا أو ذاك, بل وُضِعت آلية لاستهداف رموزها ورجالاتها, مع استخدامهم لجيش من المرددين لتلك الشائعات بما يعرف بشائعة التأطير العقائدي والاستقطاب, وللأسف من خارج وداخل سورية.
 ومن تلك الرموز المستهدفة رئيس الهيئة العلمائية لأتباع أهل البيت عليهم السلام في سورية, سماحة العلامة السيد عبد الله نظام, حيث لم تبق وسيلة خلال الحرب  إلا وتحدَّثَت عنه بكثير من الحقد أو الكذب, بقي صامداً صامتاً أمام تلك التّرِهَات, وواجه تلك الأحقاد الموجهة إليه بدعوته المستمرة إلى الوحدة, وتلك الأكاذيب بدعوته إلى مزيد من الاحترام والوعي وضبط النفس, ومواجهة اندفاعة المفرطين في أدائهم أيَّا كان موقعهم داخل الطائفة, مؤكِّدا على العمل والرغبة في حل القضايا التي تعاني منها الطائفة, خصوصا ما يتعلَّق بالاعتراف بشهداء الدفاع المحلِّي, وكثير من القضايا التي تحدث بها سماحته.
 كما دار الحديث عن العديد من الشائعات وفتح سماحته قلبه في مقابلة تأتي في ظروف صعبة تمر بها بلدنا سورية .

 

 

السؤال الأوَّل:

نتيجة للحرب السوريَّة, وممارسات وسائل إعلام ممولة خليجيَّاً وغربيَّاً, أضحى المواطن السوري عرضة بشكل متسارع لكثير من الحملات الإعلاميَّة المغرضة, تلك الحملات مدروسة ومخطط لها بشكل جيد, وتهدف لزعزعة الثقة بين أطياف المجتمع السوري, وتأليف القصص وبث الشائعات عنها وعن بعض رموزها, ما الآلية المناسبة لمواجهة تلك المخططات والممارسات؟

الجواب:

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين وأصحابه الغر الميامين, الإعلام سلاح فعال, وله تأثير أكبر من السلاح التقليدي, لدوره في تشويه أفكار الناس, فهي مقدمة لزجهم في الفتن, وفي الواقع تعرضنا في مدرسة أهل البيت لأكاذيب كثيرة لها أول وليس آخر في جملة من القضايا تتناول الأصول و التبعية وبعض التصرفات , وما أريد أن أوضحه فيما يتعلق بها، أنَّنا سوريون أولاً وآخراً, ونحن جزء من هذا النسيج الاجتماعي, وهذه الجزئية هي جزئية تاريخيَّة, وليست أمراً عابراً طارئاً بالنسبة لهذا البلد, فنحن قديمون قدم مدينة دمشق, قدم حجارتها, لنا وجود أصيل, ولنا مساهمات في استقلال سورية, وهذا ما تشهد به رابطة مجاهدي الثورة السورية أبان فترة الانتداب, وقدمنا شهداء في فلسطين, فنحن مواطنون في هذا البلد, ويشمل ذلك كل أطياف المجتمع السوري, وحقيقةً ما كان يوجد في المجتمع السوري قبل هذه الفتنة شيء عنوانه شيعة وسنة أو مسلمون ومسيحيون, ففي مدينة دمشق القديمة البيوت ملاصقة لبعضها, مع اختلاف انتماءاتها الدينية و المذهبية أو العرقية, كان هذا النسيج الاجتماعي يعيش في وئام تام ومحبة وأخوة, ويشارك بعضنا الآخر في أفراحه وأتراحه, وكأنّهم عائلة واحدة, بل هناك العديد من العائلات التي تشارك بعضها اجتماعياً من خلال العديد من حالات الزواج بين تلك المكونات, فالواقع يكذب الكلام الفتنوي ويؤكد أنه ليس له أي صدى لدى جميع تلك المكونات, لكن من يريد الفتنة, وبسبب الحالة التي تمر بها المنطقة أسس لأرضية ركزت عليها العديد من أبواق الفتنة حيث دخل هذا المجتمع في أتون صراع متعدد الوجوه مع التركيز على القضايا الدينية والطائفية, وهذه هي حقيقة المؤامرة على سورية, وما جرى فيها من شحن طائفي ومذهبي, و لمواجهة تلك الفتنة لا بد من توافر أمرين:
الأمر الأول: يتعلق بنا نحن شيعة أهل البيت 

والأمر الثاني: يتعلق بالأطياف الأخرى.
 فما يتعلق بنا كطائفة هو ألا يصدر عنا أي فعل أو رد فعل يمكن أن يكون سلبياً قبال الأطياف الأخرى, فنحن يجب أن نعيش إلى جانب بعضنا البعض, باحترام بين الجميع, وهذا مرتبط بتصرفاتنا وأعمالنا وأقوالنا, وعلينا أن نكون في مدرسة أهل البيت على وعي تام بما نتصرف وما نقول, بحيث نحافظ على الوحدة و العيش المشترك

وأن الأمر الثاني فإنه يتعلق بنا وبالأطياف الأخرى وهو الوعي, فندرك الأهداف البعيدة للمؤامرة التي حلت ببلدنا, وفي الواقع هذه الأهداف لم تعد قضية تخيلية, حيث أثبتها الواقع من خلال الاستفادة الإسرائيلية من كل ما جرى في هذا البلد, لذلك نجد في الواقع  مسارعة إسرائيل و أمريكا للاستفادة من كل هذه الأحداث و المسارعة  الى هضم  المزيد من حقوق الفلسطينيين, ومن الاعتداء على أراضيهم, واعتبار القدس عاصمة أبدية لإسرائيل, وضم الجولان, وإعلان نيتها بضم أغوار الأردن, وإعلان الاعتراف والتطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي الحاصل من قبل معظم الدول العربية, فكل هذه القضايا ما كان لها أن تحصل لولا الفتنة في المنطقة, كما سهلت الفتنة للولايات المتحدة لاستغلال المزيد من خيراتنا , فبالأمس كان هناك تصريح لنائب الرئيس الأمريكي: يفيد أننا في الشرق الأوسط نحرس النفط؟ من طلب منهم حماية النفط, بل وأضاف أننا عند انسحابنا من شمال شرق سورية باتجاه الحدود العراقية بقينا لنكون قريبين من آبار النقط لحراستها!, من قال أننا نريدكم حراسا لنفطنا وأنَّه يجب عليكم البقاء لذلك؟

هذا في الحقيقة تغطية وأسلوب ملتوي للتعبير عن رغبتهم باستمرار البقاء في المنطقة, فهم يقولون وضعنا يدنا على نفط الخليج, ونفط العراق ونريد السيطرة على النفط السوري, ونحرم سورية من الإمكانيات المادية لإعادة إعمارها, ونسيطر على بقية منابع النفط في المنطقة, ونستغل ذلك بالاتجاه الذي يناسبنا.

إذاً نحن أمام مؤامرة, علينا أن نعيها وأن لا نفكر بعواطفنا بل بعقولنا, وبالنسبة لأطياف المجتمع السوري نعتقد أنَّها أطراف شريفة ومخلصة لها مساهمات كثيرة للحفاظ على هذا البلد  واستقلاله , لكن المشكلة هي في الوعي عند العوام من جميع الأطياف, فإذا علموا حجم وأبعاد المؤامرة على سورية والمنطقة والأهداف الخفية من ورائها أمكن للفتنة  أن توأد وأن نبصر عاقبة أمرنا, كيف يمكن أن تكون خيراً وكيف يمكن أن تتحسن الظروف, وبالتالي يجب على جميع أبناء وطننا أن يكونوا واعين حتى نخرج من أزمتنا فما نسمعه إذاً عبر كثير من وسائل الإعلام المختلفة, هو نمط من الأكاذيب واستغلال جهل المستمع والقارئ لما يتابعه عبر وسائل الإعلام المختلفة, حيث يتم تبني مسألة إكذب إكذب إلى أن يصدقك الناس, وهؤلاء يكذبون وهنالك الكثير من غير الواعين الذين يصدقون تلك الشائعات يحدثون بها دون وعي, هذه هي المشكلة الأساسية.

 

 

السؤال الثاني:

يثير الإعلام العربي الطائفي العديد من القضايا حول الدور الإيراني في سورية, وتشير العديد من التقارير الطائفية الى وجود تدخل إيراني في مفاصل الحياة السورية, والعمل على دفع بعض الأفراد من المذاهب الأخرى للتشيع, والعمل على التغيير الديموغرافي في بعض المناطق, وتستخدم عبارات مثل "التبشير الشيعي", ما مدى صحة تلك التقارير, وهل تلك الأرقام والإحصائيات صحيحة؟
وما هو دور الهيئة العلمائية لأتباع أهل البيت في سورية التي ترأسه سماحتكم في هذه النقطة تحديداً؟

الجواب:

نحن لا نمارس ما يسمى بالتشييع أو التبشير الشيعي كما يُقال, ونعتقد أنَّ جميع المذاهب الإسلاميَّة هي أطياف وظلال لشجرة واحدة هي الإسلام, ولذلك لا حاجة بالمطلق لجعل هذا المواطن أو ذاك شيعياً, أو سنياً, اذا هي بالحقيقة نمط من الفهم لبعض القواعد العبادية والمعاملاتية كأحكام فقهيَّة, والخلاف في الأحكام الفقهية موجود ضمن المذهب الواحد, فضلاً عما هو موجود بين المذاهب الإسلامية, فلذلك هذا العمل عبثي ولا نعتقد وجود عاقل يفكر بهذه الطريقة, فكم هي القدرة على تحويل الناس عن مذهبهم؟ أو من دين لآخر؟ في الواقع لو وجدت رغبة بذلك فهذا يحتاج الى عمل ووقت وجهد كبيرين, ولا يعرف مدى نجاحه, والجهد على كل حال أكبر من النتيجة, إضافة لما ينتجه ذلك من ردود أفعال وتوتر  لدى الطرف الآخر, وإذا وجدنا أن ثمة أشخاص اختاروا طائفة غير طائفتهم, فهذا نتيجة طبيعية لوسائل التواصل الاجتماعي والفضائيات فالعالم قد صار قرية واحدة مضافا ان المواقع العلمية والمنشورات التراثية الموجودة على النت ومع اختلاف الناس وأذواقهم سيكون هناك من يقتنع بهذا الفكر أو ذاك فتبديل الفكر أو الدين أو المذهب حاصل عند الجميع وعندنا من كان شيعياً وأصبح سنياً وهنالك من انتقل إلى الالحاد والذين قد انتقلوا إلى تلك الحالة نتيجة تلك الممارسات والخلافات السخيفة التي لا معنى لها في ظل حرب في منطقة يتقاذفها الأعداء ويحولونها الى اشلاء, ففي ليبيا مثلاً بكل هذا الاقتتال القائم فيها هل هناك قضايا طائفية؟, هل هناك قضايا تتعلق بتحويل الأفراد من دين الى آخر؟ لا احد يعتقد ذلك.. ولكن الحروب هناك توقَدُ بفتيل يشتعل بنار أخرى كالنزاعات القبلية والتيارات الدينية المتشددة, وفي بلدنا كونه يتشكل من أطياف عديدة ومختلفة, فالفتيل الديني والطائفي هو الفتيل الأسهل لإشعال التفرقة والحروب والفتن, فنحن في سورية لا نريد تشييع أحد, ولا نسعى, ولم ولن نسعى إلى ذلك.

إنَّ الدخول في هذا الجانب هو دخول خاسر لشيعة آل البيت وليس مكسباً لهم, لنكن صريحين في هذه النقطة, فإن ما سيتولد من ذلك من ردة فعل لدى الطرف الآخر ستكون في أثرها أكبر بكثير من محاولة زيادة العدد بالشخص أو أكثر, ونحن في مذهب آل البيت عندنا قاعدة تقول "القطع حجة على القاطع", أي اليقين حجة على صاحبه, وكان في فتاوى كبار مراجعنا أنَّ كل من له عقيدة "أيَّاً كانت تلك العقيدة" وهو متيقن بصحتها, فباعتقادنا الله لن يحاسبه عليها, ولو كانت مخالفة للإسلام, وليس فقط لمذهب آل البيت عليهم السلام, لأنه في القطع لا يوجد في نفس القاطع ذي احتمال مخالف يدفعه إلى البحث والتحقيق وإن قيام بعض الأشخاص بالدعوة إلى مذهبه سيولد ردة فعل عند أبناء المذاهب الأخرى للدعوة في مذهبهم وطوائفهم سيكون هذا مدعاة للتفرقة والفتن.

في النقطة المتعلِّقة بالتغيير الديموغرافي، فإنني أسأل أين حصل هذا النوع من التغيير؟ في أي مكان؟ فإنه لا توجد منطقة في سورية خرج أهلها وحل مكانهم آخرون أو مُنِع أهلها من العودة, بل الذين هُجِّرُوا وأخرجُوا من مناطقهم وحل مكانهم آخرون هم الشيعة, فالشيعة ممنوعون من العودة إلى بصرى الشام في درعا, مع أنَّهم يمثِّلُون ربع سكان المدينة, وهم جزء من النسيج الاجتماعي فيها, ويشكلون مع إخوانهم من أهل السنة عوائل مشتركة وعشائر, لكنه نتيجة أزمة ومشاعر الطائفية أُخرِجوا منها وهناك من يمنعهم من العودة, توجد  قرى كاملة في محافظة حمص ودرعا كذلك, والمثال الأكبر للتغيير الديموغرافي هو قريتي الفوعة وكفريا, وكذلك معرَّة مصرين حيث أُخرِجَ المكوَّن الشيعي من المدينة, إذاً التغيير الديموغرافي كان على حساب الطائفة الشيعية وضدهم, بل هم لم يسعوا ولم يقوموا بأي تغيير أو تهجير أو منع عودة لأحد, بل على العكس تماماً, ونحن على يقين من أن استقرار سورية وتقدمها هو في العيش المشترك بين جميع أبنائها بأخوة واحترام.


 

السؤال الثالث:

خلال الحرب السورية, هل أُعطي للطائفة الشيعية في سورية تحديداً دور أكبر من حجمها؟ حيثُ تشير بعض التقارير العربيَّة والغربيَّة, وصفحات عديدة على مواقع التواصل أنَّ هناك تأسيس لنموذج "حزب الله اللبناني" من أبناء الطائفة الشيعية في سورية, برأيكم ما مدى صحة تلك التقارير؟


الجواب:

تلك التقارير غير صحيحة بالمطلق, لا يوجد تأسيس لحزب الله في سورية أو تأسيس تنظيم على نمطه فإن تأسيس حزب معناه وجود أهداف محددة وفكر أيديولوجي محدد وعمل تنظيمي بالطريقة المعروفة للأحزاب إن ما يوجد في سورية حالة من الدفاع عن النفس, وهذه الحالة جاءت كرد فعل على التهديد المباشر لقرانا ومناطقنا, فعلى سبيل المثال وصل التكفيريون لمسافة خمسين مترا من مقام السيدة زينب عليها السلام, ونحن نعلم ما حصل لكثير من المقامات في سورية من قبل أولئك التكفيرين, كمقام عمار بن ياسر, وحجر بن عدي وغيرهم, فما ترانا فاعلين بالنسبة لمقامات أهل البيت عليهم السلام ؟ هل نقول لهم تفضلوا فجروا وهجروا الشيعة في محيط مقام السيد زينب عليها السلام وغيرها, هذا الأمر بطبيعة الحال لن يقبل به إنسان عنده شيء من الكرامة والأصالة, لذلك هنالك حالة دفاع لأصحاب المكان عن وجودهم ورد الاعتداء, ففي محافظة حمص كان هنالك اعتداء كبير في منطقة الهلالية والسعن, حيث أُخرِجَ الناس من بيوتهم وقُتِلوا, وأحرقت منازلهم, وكذلك في باقي القرى المبعثرة في الريف الحمصي وفي وسط المدينة.

بالتالي لا يوجد حالة لخلق نموذج حزب الله في سورية, ولا تريد الطائفة أن تلعب دورا أكبر من حجمها, فالخلل في هذا المنطق هو أنه كيف آخذ دورا أكبر من حجمي, وإذا أخذت هذا الدور فما النتيجة المتوقعة من ذلك؟, سأحصل على متاعب وخسائر ومن ثم الفشل, فلا أحد يستطيع أخذ دور أكبر لا يتناسب مع حجمه وإلا سينتهي الى الفشل في نهاية المطاف.


 

السؤال الرابع:

برأيكم هل الحرب في سورية انتهت, وهل تبعات تلك المخططات على سورية عامة والطائفة خاصة لا تزال مستمرة في سورية والمنطقة؟


الجواب:

في رأيي الحرب لم تنته بعد, ولكنه يمكن القول أنَّه ثمة بوادر انتهاء كبيرة للأزمة, لكنها لم تنته بعد, فيما لاتزال تخضع  في بعض جوانبها الى طبيعة الصراع الإقليمي والدولي في المنطقة والى مدى وعي الناس, ومدى إصرار الأطراف الخارجية على إبقاء النزاع في سورية واستغلاله لتحقيق أهدافها, لأنه إذا نظرنا إلى الأهداف والأسباب التي أُسس هذا النزاع لأجلها فإنها لا تزال قائمة, وطالما أنَّ الأهداف قائمة فالصراع مستمر, لكنه يمكن أن يتجدد وتتغير صورته,  ونحن في الواقع أمام معادلات إقليمية ودولية, وسورية أصبحت جزءا من تلك المعادلات ودخلت فيها, بمعنى أنه لا بد من حل بعض القضايا الإقليمية والدولية, وإعادة رسم النفوذ في المنطقة بين القوى الكبرى والإقليمية والدولية, ليصار إلى حل الوضع في سورية بشكل نهائي, ولكنه مع ذلك يبقى وعي الشعب و إرادته أعظم من كل تلك القوى الخارجية.

 

 (المحور الاجتماعي)

 

السؤال الأوَّل:

هل ثمة من يُحِد من مسؤولياتكم كهيئة علمائيَّة ويعمل على تقويضها؟ وهل هناك معوقات تحول دون ممارسة دوركم بشكل فعال؟ ما أبرز تلك المعوقات إن وجدت؟

الجواب:

لا توجد معوقات لممارسة الهيئة العلمائية لدورها دور بشكل صريح وواضح, لأنَّ الهيئة العلمائية تسعى لتحقيق هدفين أساسيَّين؛ أولها ضبط الخطاب الديني ليبقى بعيدا عن الدعوات المفرقة وبعيدا عن أي خطأ, يؤدي للفتنة والنزاع, فنحن مع احترام جميع العقائد والديانات وجميع الناس, ونتحاور مع الجميع عند وجود اي إشكال, كما نحترم جميع مقدسات شركائنا في الوطن, فالخطاب الديني الصحيح يجب أن يكون هكذا, ونحن في الهيئة العلمائية لأتباع أهل البيت في سورية نُصِر على هذه القضيَّة وننبِّه عليها, والهدف الثاني ما يتعلَّق بالحاجات الاجتماعية لبعض رجال الدين, كوفاة أحدهم وبقاء أسرته دون معيل, أو ما يتعلق بعلاجات صحية مكلِفة, فنحن نتعاون فيما بيننا لحلِّها, وبالتالي لا يوجد سبب لوجود أيه معوقات لممارسة عملنا كهيئة.

 


 

السؤال الثاني:

لماذا لا تشرف الهيئة العلمائيَّة لأتباع أهل البيت في سورية على المراقد الشيعية المنتشرة في سورية, وتقطع الطريق على المتصيدين, ويدَّعون أنَّ إيران تسيطر على سورية من خلال تلك المراقد؟

الجواب:

إنَّ المراقد الشيعية في سورية هي مراقد قديمة وليست جديدة, وهي موجودة قبل تأسيس الجمهوريَّة الإسلاميَّة في إيران, في الحقيقة ليس لإيران أي دور فيها, فهذه المراقد كالسيدة زينب, أو السيدة رقية عليهما السلام, أو بالنسبة للسيدة أم كلثوم أو سكينة في تربة باب الصغير, ورؤوس الشهداء, أو السيدة سكينة في داريا, أو مشهد النقطة في حلب, لها لجان "تولية" شرعية تشرف عليها, وهذه اللجان مستمرة من أيام العثمانيِّين, مثلاً تولية مقام السيدة زينب عليها السلام هي تولية شرعية من أيام العثمانيين عمرها أكثر من مئتي عام, وهي تولية شرعيَّة منصوص عليها وعن كيفية تداوُلها واذا وجد بعض المتبرعين لتوسعة تلك المقامات أو تجديدها فإنه لا يعني أن بلد المتبرع له سيطرة على المقام, وكذلك ما يتعلَّق بمقام السيدة رقية عليها السلام, فمثلاً عندنا في دمشق يوجد مسجد العثمان, والذي ساهم ببنائه هو أحد الأثرياء الكويتيِّين, فهل نقول أنَّ الكويت تسيطر على هذا المسجد؟ وكذلك حال العديد من المراكز الدينية والشرعية  فإنها تستفيد من تبرع المحسنين وتبرعاتهم ويتم هذا بإذن من الحكومة ورضا قائم بالنسبة إلى الجميع ولم نجد أحدا يقول أن هذا المسجد أو ذلك المركز تُموله الكويت, أو تسيطر عليه, فالأمر مماثل لما يحصل من عمليات توسعة مقام السيدة رقية عليها السلام, فالإيراني تبرع في التوسعة وهذا المتبرع لا سلطة له, فهو قدَّم مالاً ولم يفرض تولية, فالتولية في أيدي السوريين لكل تلك المقامات والمراقد, كذلك مشهد النقطة في حلب تتولاه جمعية الإعمار والإحسان, وهي صاحبة حق الإشراف عليه, وهي ليست جمعية تابعة لإيران أو للطائفة, بل هي جمعية سورية تابعة لوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل وبالتالي فإن الادعاء بأن إيران تدخل إلى سورية من بوابة المقامات غير صحيح, إن وجود أعداد كبيرة من الزوار الإيرانيين وغيرهم في مناسبات معينة هو لنفع اقتصاد البلد ولا يعني وجود أي امتياز لهم فهم دخلوا لسورية بشكل رسمي قانوني, ويسيرون وفق قواعد وقوانين أي زائر أو قادم آخر لأي مكان في سورية, ويغادر عند نهاية زيارته كأي مسافر آخر, وهذا ليس له أي علاقة بالسيطرة ولا غيرها..

 

 

السؤال الثالث:

في إحدى مقابلاتك قلت سماحتك أنَّ من أهم أهداف الهيئة العلمائية لأتباع أهل البيت في سورية, هو "رعاية شؤون علماء أهل البيت (ع) وإيجاد نوع من التكامل والتضامن فيما بينهم", لكن هنالك العديد من الشخصيات الشيعية التي أفرزتها الحرب السورية, ومنهم من ليس أهلا لأي قيادة سواء كانت اجتماعيَّة أو دينيَّة, هل السماح لتلك الشخصيات بقيادة معينة في مناطق تواجدهم يخدم الطائفة؟ وهل هم أهل لتلك المهمات التي يحاولون التصدي لها اجتماعيَّاً أو دينيَّاً؟ وطبعا تَصِلَكُم أخبارهم والمعلومات عنهم؟ وهل هناك خطة لتوحيد الخطاب ومنع التشتت والتكتلات المتباعدة؟ وهل هذا يأتي في صلب اهتماماتكم كرئيس للهيئة العلمائية لأتباع أهل البيت؟ أي هل حققت الهيئة ذلك الهدف الذي تحدثت عنه؟


الجواب:

في كل أزمة وحراك شعبي,  وعند جميع الفرقاء تفرِز الأحداث بعض الأشخاص الذين يشكلون حالة انتهازيَّة, يُريد من خلالها أحد إبراز شخصه ونفسه, ويدعي ادعاءات غير صحيحة, ويفترض أنَّ ذلك سيرفعه لمرتبة معيَّنة, لكن في النهاية لا يصح إلا الصحيح, وأي إنسان يمثِّل حالة انتهازية فحالته مؤقَّتة أوَّلاً وتضر به ثانياً,و بالذين ينتمي اليهم  ثالثا, حيث إنَها ستسبب تشتت ولو مؤقتا لدى الأشخاص الآخرين في الواقع الاجتماعي, وذلك عندما ينظرون إلى أنَّ هناك مجموعة من الأشخاص كل فرد منهم يدَّعي شيء سيتساءلون فيما بينهم سنصدق من ونكذِّب من؟ من هو صاحب الادعاء الكاذب ومن هو الصادق, وما مقدار تمثيله للطيف الذي يدعي تمثيله, بالحقيقة هؤلاء الأشخاص يطفون كالزبد الذي يحصل نتيجة السيل, وهو لا ليس بشيء إلا أنَّه يطفو على السطح, هذه الشخصيَّات موجودة عندنا وعند غيرنا, ولمواجهة ذلك يجب التحلي بالصبر من جهة, وسَيُكشف دورهم عاجلاً أو آجلاً..


 

السؤال الرابع:

كرئيس فرع مجمع السيدة رقية"ع" لجامعة بلاد الشام, ماذا عن قرار وزارة التعليم العالي, بإلغاء الأقسام غير الشرعية في الجامعة, كيف قرأت هذا القرار, وماذا عن الطلبة الذين أرادوا الدخول إلى هذه الجامعة, وهل هناك خطط بديلة لذلك, هل تفهمتم طبيعة هذا القرار؟

الجواب:

أولا لا يوجد قرار بالإلغاء إنما فقط  بإيقاف التسجيل ومع ذلك فإنه في الواقع كان قرارا مفاجئاً, فالجامعة تأسست بناء على المرسوم 48 لعام 2011م, وهذا المرسوم موقَّع من السيد الرئيس بشار الأسد, وفي ذلك المرسوم يوجد نص يَذكُر الكليَّات الموجودة في كل فروع الجامعة, ويوجد نص يخول وزير التعليم العالي إضافة اختصاصات جديدة إلى الاختصاصات الموجودة, وفي الواقع فإن جميع الكليات والاختصاصات الموجودة في فروع جامعة بلاد الشام , قد تمت مناقشة مناهجها التعليميَّة في وزارة التعليم العالي, ودُفعت رُسوم لتلك المناقشات والمناهج, وتم تهيئة كل ما يتعلَّق بالأمور اللوجستية بالشكل الصحيح وحصلنا على القرارات الازمة بالأحداث والافتتاح.
  إذاً عمليَّاً تم تنفيذ كل ما طُلب منا, بل وأكثر من ذلك أرسلت الوزارة مِنَحا دراسيَّة إلى جامعتنا في تلك الاختصاصات, وقد تخرج بعضهم, ورغم كل ذلك فوجئنا بقرار مجلس التعليم العالي بإيقاف التسجيل في كل الفروع الإنسانيَّة باستثناء ما يتعلَّق بكليَّة الشريعة, بالواقع هذا القرار كان مفاجئاً, ولدينا أكثر من استفهام حول طبيعته وأسبابه, ونتوقع أنَّ هناك أكثر من سبب لذلك, منها ما يتعلق بما يحصل على الساحة السورية وبسبب بعض الميزات التي تتمتع بها هذه الجامعة وكونها داخل مدينة دمشق , وكذلك كنتيجة لبعض المعلومات والشائعات الخاطئة التي تُقدَّم عنها, كما جاء قرار الإلغاء نتيجة لحرب خفية بين العلمانيَّة المتطرِّفة والوضع الإيماني في هذا البلد خاصة وانه اتخذ القرار دون أي مناقشة معنا أو بيان للأسباب وعلى كل حال, إن شاء الله سيكون هناك مراجعة لهذا القرار مع الجهات التي أصدرته.

 

 

المحور الثالث:

(المحور المتعلق بالشائعات)

·      هناك شائعة, تتعلق بقيام هيئات تابعة لسماحتكم بشراء منازل "السنة" في مدينة دمشق القديمة, سيما ما أُثير في أحدها عن شراء منزل الشاعر السوري نزار قباني..



الجواب:


انها شائعة تثير الاشمئزاز والسخرية من الذين صنعوها, ويجب أن يحذر الناس وأن يتعجبوا, لمثل هذه الشائعات, حيث أوَّلاً لم أشتر منزلاً من أي طائفة على الإطلاق, وثانياً فيما يتعلَّق بمنزل الشاعر السوري نزار قباني رحمه الله, ورغم سخافة الشائعة إلَّا إنَّنا نوضِّح لمن يصدِّقوا هذه الشائعات, أنَّ هذا المنزل كان لجد الشاعر السوري نزار قباني أو لأبيه وقد اشتراه أبو مسلَّم العضل منذ المئة عام وكما ذكرت من والد أو ربما جد نزار قباني, ثم اشتراه من ورثة الحاج أبوسليم العضل الحاج عباس نظام في ستينيات القرن الماضي, فكيف تصح هذه الشائعة؟ وأضيف أنَّه يوجد الكثير مما أُشيع عن شراء منازل في دمشق القديمة وما شاكل, فنقول نحن إلى الآن وانه في كل المنطقة لا تزال البيوت لأصحابها من جميع الاطياف, وجميع الناس فيها آمنون ومطمئنون وكل ما يشاع حول ذلك هو افتراء وكذب, فالكل راضٍ بجاره وأخيه.

 


 

·      شائعة أن المرصد الفلكي لـ"الجمعية الفلكية السورية" المقام ضمن "مجمع السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام"، قد قطعت أمواله من الأموال المخصصة للفقراء.


الجواب:

ما كان له علاقة بمجمع السيدة الزهراء عليها السلام فإنه  ليس له علاقة بأموال الناس وليس اقتطاعاً من أموال الفقراء و المحتاجين, وعندما أسس المجمع لم يكن له علاقة بالجمعيَّة الفلكيَّة السورية, بل عندما أسِّسَ مجمع السيدة الزهراء أردنا تأسيس مرصد لرصد الأهلة, ومادة الفلك كمادة علمية لها دخالة في إثبات الأهلَّة ومواقيت الصلاة في مدرسة أهل البيت عليهم السلام , حيث هناك عدم تطابق في ثبوت الهلال و في طرق ثبوته بين المذاهب الإسلامية, لذلك أنشأ هذا المكان لنستطيع إثبات ظهور الهلال حسب طرق الثبوت المعتمدة عندنا وللاستعانة بالعلم لأجل الاثبات وبما أن هذه الجمعية لديها معداتها, اتفقنا معها على تدريس مادة علم الفلك في كلية الشريعة في فرع مجمع السيدة رقية عليها السلام, وأنشأنا المرصد ليمارَس فيه الجانب العملي لهذه المادة, ونحن سعداء للتطور وصيرورته مركزا علميا نال جوائز عالمية, ونحن لا نريد من المرصد غير الجانب العلمي, وقضية اقتطاع ذلك من أموال الفقراء, أقول إنه لا يوجد للفقراء في ذمتي أي شيء إن شاء الله..

 

 


 

·       شائعة,  إن إدارتكم للملف الشيعي محصورة في  دمشق, وإن إنشاء المؤسسات الدينية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية محصور فيها, دون المحافظات الأخرى.

الجواب:


الواقع يشهد بأن هذه الشائعة تحمل الكثير من المغالطات, حيث إنني قد قمت بنشاطات اجتماعية وعلمية في أماكن في محافظات أخرى أكثر بكثير مما فعلته في دمشق, ففي محافظة حمص مثلاً كنت أتردد إلى المحافظة منذ أربعين عاما تقريبا, ولم يكن فيها أي نشاط لمؤسسة اجتماعية او خيرية لخدمة شيعة أهل البيت ناشطة بشكل فعلي على الإطلاق, فعملت على تأسيس بعض الجمعيات الخيرية وتقديم الخدمات التعليمية ومساعدة الفقراء ورعاية الأيتام ومساعدة المرضى وكذلك في بناء المساجد أو تجديدها وقد كانت قبلا مبنية من الطين ومتهالكة وآيلة للسقوط , ثم عملت خلال الحرب على إقامة بعض المشاريع التعليميَّة والخيريَّة, كتأسيس عدد من المراكز الصحية, والثانويات الشرعيَّة, ومشفى في العباسية, وبالإضافة إلى المساهمة في ترميم وتوسعة العديد من المدارس الحكومية بالإضافة الى بعض الأبنية التي يراد منها أن تكون أبنية مدارس في المناطق النائية والفقيرة في مختلف مناطق حمص.

 


 

·       إشاعة, هناك احتفاء دائم بوسائل الإعلام اللبنانيَّة, والتي تنتمي لمحور المقاومة بشهدائها, في حين أنَّ الشهداء الشيعة في سورية منسيِّين خاصة في المحافظات, ولا يظهرون على أي وسيلة إعلاميَّة, ولا يوجد أي توثيق حقيقي ومصوَّر للشهداء وظروف استشهادهم, وهناك الكثير من القصص التي تُروى, وتستحق أن تُنشر أو أن تُذكر, هل ثمة خطة لمواجهة ذلك؟

الجواب:

إنَّ حجر الزاوية في هذه النقطة هي المشكلة القانونيَّة, حيث أنَّه وإلى الآن لم يتم تنظيم طريقة للاعتراف بشهداء الدفاع المحلي والوطني في سورية "كشهداء", أو أولئك الأشخاص الذي قضوا في سبيل حماية سورية وأثناء التصدي للتكفيريين والإرهابيين في المناطق السورية المختلفة, وإن التوثيق الوحيد القائم هو ما يعود إلى شهداء الجيش العربي السوري والقوى الأمنيَّة, ما عدا هؤلاء لم توثَّق شهادة أي شهيد إلى الآن, ولم يُعترف بذلك رسمياً رغم خوض العديد من أولئك الشهداء لمئات المعارك جنباً لجنب مع الجيش العربي السوري, وبالتالي نحنُ نطالب الدولة في سورية بالاعتراف بهؤلاء الشهداء, وهناك طرق عديدة لمعرفة وتحديد ظروف استشهادهم, ونأمل مستقبلاً أن يُحل هذا الإشكال, وأن تعترف الدولة بشهادتهم لينالوا حقوقهم الماديَّة والمعنويَّة, إذاً فظهور هؤلاء الشهداء على وسائل الإعلام يحتاج إلى وجود اعتراف بالشهادة بشكل رسمي, فإن أردنا أن نقدِّم قصَّة شهيد على وسيلة ما فَسَنُسأل كيف لنا أن نعلم أنه شهيد, فالقضية إذاً متوقفة على الاعتراف الرسمي بهم, لكن نعمل على تهيئة بعض الظروف لرواية قصص بعض هؤلاء الشهداء, وتوثيقها.

 

 


 

أسئلة ختامية:

سؤال (1):

حضرتكم كمسؤول عن الإرث الديني والثقافي الذي تركه سماحة العلامة السيد محسن الأمين قدس سره الشريف, فكيف يسير سماحة السيد على هذا النهج, وهل حققتم ما ترنو إليه, وهل أنت راضٍ عن ذلك؟

الجواب:

نحن في مجتمعنا في مدينة دمشق وفي مجتمع آهل البيت في سورية, لا نزال ضيوفا على مائدة سماحة العلامة السيد محسن الأمين, فنحن رأينا التجربة التي خاضها السيد الأمين, ورأينا الآثار الإيجابية التي خلفتها تلك التجربة, ففي زمن السيد الأمين كنا مقاومين للاحتلال الفرنسي بفتوى وتشجيع منه, وهناك من أبنائنا من أعدمته فرنسا لأجل ذلك, ومُدَّوَّن في رابطة المحاربين القدماء أسماء بعض أبنائنا الذين كانوا يُسَمَّون "بعصابة الخراب" حيث تم نعتهم بالعصابة من قبل الاحتلال الفرنسي, على اعتبار منطقة حي الأمين كانت تسمى محلة الخراب آنذاك, كما أفتى السيد الأمين قدس سره بالجهاد المقدس في فلسطين, وذهب من أبنائنا للجهاد فيها أكثر من خمسين شخصاً واستشهدوا على أرضها, وإذا نظرنا إلى علاقته بالكتلة الوطنية, كان على علاقة وثيقة معهم, بل أنَّ الكتلة الوطنيَّة عندما أعلنت إضراب الخمسة والخمسين يوماً اتخذوا القرار في منزل سماحته, فإن ابنه كان عضوا في الكتلة الوطنية حينها, وكانوا يجتمعون في منزله أحياناً.

لقد كان السيد محسن الأمين رحمه الله فعالا في الوسط الاجتماعي, كانت له صلات مع كبار علماء البلد, وكانت له لقاءات مع السيد مكي الكتاني, والشيخ بدر الدين الحسني, والشيخ علي الدقر, والشيخ محمد الأشمر رحمهم الله تعالى, وفيما بعد كان على صلة مع الشيخ أحمد كفتارو, وصالح الفرفور, هذه الشخصيَّة كان لها أثر على المستوى الاجتماعي, وعندما توفي شُيِّعَ تشييعاً رسمياً, وأهدي وسام الاستحقاق نظراً لمساهمته في استقلال سورية, كما أهدي الوسام من لبنان لمساهمته في استقلال لبنان, وبالتالي نحنُ نرى أنَّ هذا المنهج المعتدل الوسطي القائم على تنظيم الصلات مع أطياف المجتمع ككل, يؤتي ثماره, ويؤدِّي إلى الوحدة الوطنيَّة, ويهيئ لمزيد من الاستقرار في البلد, نحن نسير في هذا الاتجاه وعلى هذا النهج, لذلك من المهم أن نحفظ تراثه, ونحفظ المؤسَّسات التي أسَّسها, والتي لا تزال قائمة إلى الآن وتتوسع باستمرار.

بطبيعة الحال مجتمعنا لم يتوقف عند تلك المؤسسات فعملنا على إضافة لَبَنَات حسب الواقع المعاصر وتكمل ما بدأه رحمه الله بمعونة إخوة من العلماء ومن المثقفين الخيرين, وأعتقد أننا  قمنا جميعا بالكثير مما يتعلق بهذا المجال ولا نزال, وذلك في مدينة دمشق وغيرها من المحافظات الأخرى, وأتمنى أنَّ يوفقنا الله لإتمام تلك المشاريع, وإكمال المسيرة.

 


 

سؤال(2):

في ذكرى مراسم أربعين الإمام الحسين عليه السلام, ما الرسالة التي توجهها سماحتكم إلى أبناء المجتمع ككل والطائفة الشيعيَّة خاصة, وما رسالة سماحتكم التي تعمل على إنجازها أي الاستراتيجية التي يتبعها سماحتكم كرئيس الهيئة العلمائية لأتباع أهل البيت في سورية..؟

الجواب:

إنَّ الله تعالى قال في محكم آياته, "تعيها أذنٌ واعية", لذلك أنا أنبِّه على الوعي ثم الوعي والوحدة ثم الوحدة, كل ما لدينا من مشكلات وأخطاء هي كالمرض يمكن علاجه, لكن هذا العلاج لا يكون بالبتر, بل بعلاج الخطأ بالطريقة المناسبة والدواء المناسب, لذلك ينبغي أن نكون واعين لنستطيع أن نحصِّن أنفسنا ونحصن مجتمعنا.

وبالنسبة لأتباع أهل البيت أنبِّهَهُم إلى الوعي ووحدة الكلمة, وأن يعرفوا طبيعة الحياة التي يعيشونها والظروف البيئيَّة والاجتماعيَّة والانسانية التي يعيشون في وسطها, بالتالي أن تكون جميع أنشطتهم وأعمالهم تناسب مع تلك البيئة, وتكون صادرة عن تصور صحيح لكل ما يحيط بنا من قضايا داخل البلد وخارجها, وإنه لا ينفعنا التشاؤم ولا العزلة ولا التطرف ولا الحماسة العاطفية الجياشة التي لا عقل وراءها, إن ما ينفعنا هو أن نحترم الناس ليحترمونا وأن نحسن إليهم ليحسنوا إلينا وهو مايجب أن نصل إليه في سورية جميعا دون استثناء, وأئمتنا عليهم السلام  يقولون: "كونوا دعاةً لنا بغير ألسنتكم", وإمامنا الصادق عليه السلام يقول "ليس منا من كان في قرية فيها عشرة آلاف فيهم من هو أفضل منه", فنحن مطالبون أن نكون أفضل الناس خُلقاً ودِيناً ومعاملةً وإخلاصاً, وجمعاً لكلمة المسلمين..

 

 

2019/11/071558طباعةيجب عليك تسجيل الدخول0

مقاطع مختارة

مناسبات شهر ربيع الأول

01هجرة النبي الأعظم (ص) من مكّة المكرمة إلى المدينة المنورة ، وفي ليلته بات أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) على فراش النبي (ص)
08 -شهادة الإمام الحسن العسكري عليه السلام. - بداية إمامة الإمام المهدي صلوات الله عليه.
10-زواج النبيّ صلّى الله عليه وآله من السيدة خديجة عليها السلام. -وفاة عبد المطّلب جدّ رسول الله صلّى الله عليه وآله.
12بداية اسبوع الوحدة الاسلامية
17ولادة النبيّ الأكرم صلّى الله عليه وآله في مكّة المكرّمة.