شهر رجب الأصب

استهل سماحة السيد عبد الله نظام خطبة الجمعة بالحمد والشكر لله تعالى و بالصلاة على أشرف خلق الله محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

تحدث سماحة السيد في خطبة الجمعة عن قدوم شهر رجب المبارك وأهميته على المؤمنين:
قدم علينا شهر رجب الشهر الأصب كما يسمى في الحديث لأن الرحمة تُصب فيه صباً على رؤوس المؤمنين.
نحن بدأنا بالدخول إلى مدرسة شهر رمضان المبارك وهذه هي مقدمتها شهر رجب وشهر شعبان، بحيث يبدأ الإنسان بالاهتمام أكثر من سائر الأيام السابقة بصلاته، بدعائه، بتلاوته للقرآن الكريم، بعمل البر والخير بحيث يبدأ الإنسان بالاقتراب أكثر إلى ربه في هذا الشهر المبارك الذي ضاعف الله عز وجل فيه الحسنات وجعله ميداناً لمغفرة السيئات فلذلك نحن علينا أن نستفيد من هذه الفرصة التي أتاحها الله عز وجل لنا حتى نرمم ما قصرناه في حياتنا.
في الحديث الشريف عن هذا الشهر المبارك يقول الإمام جعفر الصادق صلوات الله عليه وينقل كلاماً عن جده رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم :"رجب شهر الاستغفار لأمتي فأكثروا فيه الاستغفار فإنه غفور رحيم، ويسمى الرجب الأصب لأن الرحمة على أمتي تُصب فيه صباً، فاستكثروا من قول أستغفر الله وأسأله التوبة"، فإمامنا الصادق عليه السلام يبين لنا أهمية الشهر المبارك.

وتابع سماحة السيد أن على الإنسان أن يتهيأ بشكل صحيح للدخول إلى شهر رمضان المبارك، قائلاً:
أمورنا، شؤوننا مرتبطة بالعلاقة مع الله عز وجل، وكل سيئة وكل مخمصة وكل شدة تصيبنا إنما هي بسبب أعمالنا، لو أن أعمالنا صلُحت ما أصابتنا البلاءات والمصائب ولا صُبت على رؤوسنا كما هو في هذه الأيام، لذلك نحن مدعوون إلى الاستغفار إلى طلب الرحمة من الله عز وجل، إلى تمتين العلاقة به، وتهيئة النفس إلى الدخول إلى مدرسة شهر رمضان المبارك بشكل صحيح، أن يُكثر الإنسان من دعائه، من صدقته، من قيامه، من تلاوته للقرآن حتى نكون قد صرنا مهيئين بإذن الله تعالى.

وأشار سماحة السيد إلى أن انتصار الثورة الإيرانية الإسلامية لا تخص فقط الشعب الإيراني وإنما تخص الشعوب الإسلامية:
في هذه الأيام أيضا مناسبة انتصار الثورة الإسلامية المباركة في إيران.
هذه الثورة المباركة لا تقف عند الشعب الإيراني عملياً بل هي في الواقع تخص جميع الشعوب الإسلامية لأنه من الناحية العملية هي تبنت شؤون وشجون العالم الإسلامي بغض النظر عن الفروقات العرقية والمذهبية فهي عون ودعم لكل المسلمين وهذا يجعلنا بالتالي معنيين لهذه الثورة الإسلامية المباركة لأنها تمس مصالحنا، كياننا، و وجودنا عملياً.
يظهر ذلك جلياً في الأزمة التي مرت بها سورية بحيث في الواقع هنالك دعم كبير من الجمهورية الإسلامية الإيرانية لسورية لتثبيتها في مواقفها في محور المقاومة وللدفاع عنها قِبال التكفيريين وما يعيثونه فساداً في الأرض وعونها على الوقوف في وجه الحصار ووجه المخططات الصهيونية والأمريكية.
العداء المستمر من قبل قوى عديدة كلها تآلفت وتآلبت على هذه الثورة، في بداية أمرها اتفق عليها محوران لا يتفقان على شيء عادة، دول حلف وارسو من جهة ودول حلف شمال الأطلسي من جهة ثانية، أمريكا والغرب والاتحاد السوفيتي والشرق هؤلاء وقفوا ضدها وهؤلاء وقفوا ضدها، يعينهم على ذلك صدام والممالك والأمارات الخليجية المحيطة بإيران.
قد يقول قائل ما سبب هذه الهجمة الكبيرة العالمية على إيران واستمرارها كل هذه السنوات؟
في الواقع في السياسة الدولية لا يوجد إلا مصالح، لا توجد قيم ولا مبادئ ولاعواطف، هنالك مصالح، قدرات، سيطرات لابد أن يُحسب حسابها وأن تبقى مستمرة وهي تدافع عن نفسها بقوة وشراسة.

واستعرض سماحة السيد بعضاً من نتائج الثورة المباركة، قائلاً:
كما تذكرون أحداث أيلول الأسود في الأردن عندما أُخرجت أيضاً المنظمات الفلسطينية من الأردن ولم يعد لها وجود هناك وهي كانت قريبة على خط النار في ذلك البلد، بل هنالك من المعارك في ذلك الزمان التي حصلت مع العدو الإسرائيلي ما ذكره المحققون الغربيون لو أنه يعلم العرب الخسائر التي مُنيت فيها إسرائيل في تلك المعارك لجعلوا تلك الأيام عيداً وطنياً لهم.
الثورة الإيرانية المباركة تعيد هذه القضية إلى الواجهة وها هي الآن غزة على صغرها ومحدودية مساحتها تمثل خطراً كبيراً على إسرائيل وتقاوم وتصمد ولا تستطيع إسرائيل أن تفعل شيئاً من قبل غزة.
فالثورة المباركة هي لها أثر عميق في المنطقة، لها أثر فكري، معنوي، منهجي ولها أيضاً من جهة أخرى أثر واقعي وعملي بحيث إن دول الشرق والغرب صارت تحسب حساب خطر المفاهيم التي تطرحها هذه الثورة والنمذجة التي قدمتها للمجتمع المقاوم الذي يُحاصر والذي ينتفض في حصاره فيتقدم علمياً وصناعياً.

فالحرب الدائمة على الجمهورية الإيرانية تدل على صوابيتها وصحة نهجها، وهذه المواجهة المستمرة مع المخططات الصهيونية الأمريكية التي يُراد بواسطتها استعباد الشعوب والقضاء على وجودهم وعلى خيراتهم.

لمتابعة الخطبة كاملة على الرابط التالي:

https://www.youtube.com/watch?v=aU_T52a5j40